هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب ؟
في كل صباح يقف مشترى عند كشك صغير ليلقي على البائع تحية الصباح ويأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها وينطلق ولكنه لا يحظى إطلاقا برد من البائع على تلك التحية،
وفي كل صباح أيضا يقف بجواره مشترى آخر يأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها ولكن صاحبنا لا يسمع صوتا للبائع لرد التحية للمشترى الأول
،وتكررت اللقاءات أمام الكشك بين الشخصين المشترين .. كل يأخذ صحيفته ويمضي في طريقه،
إلى أن جاء اليوم الذي رأيت المشترى الثانى يربت على كتف الأول وسأله: لماذا تلقي التحية على صاحب الكشك؟
فقال الرجل: وما الغضاضة في أن ألقي عليه التحية؟
فقال: وهل سمعت منه ردا طوال تلك الفترة؟
فقال صاحبنا: لا.
قال: إذن لم تلقي التحية على رجل لا يردها؟
فسأله صاحبنا: وما السبب في أنه لا يرد التحية برأيك؟
فقال: أعتقد أنه وبلا شك رجل قليل الأدب، وهو لا يستحق أساسا أن تُلقى عليه التحية.
فقال صاحبنا: إذن هو برأيك قليل الأدب؟
قال: نعم.
قال صاحبنا: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟
فسكت الرجل لهول الصدمة..
ورد بعد طول تأمل: ولكنه قليل الأدب وعليه أن يرد التحية.
فأعاد صاحبنا سؤاله: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟
ثم عقب قائلاً: يا سيدي أياً كان الدافع الذي يكمن وراء عدم رده لتحيتنا فإن مايجب أن نؤمن به أن خيوطنا يجب أن تبقى بأيدينا لا أن نسلمها لغيرنا
ولو صرت مثله لا ألقي التحية على من ألقاه لتمكن هو مني وعلمني سلوكه الذي تسميه قلة أدب، وسيكون صاحب السلوك الخاطئ هو الأقوى وهو المسيطر، وستنتشر بين الناس أمثال هذه الأنماط من السلوك الخاطئ،
ولكن حين أحافظ على مبدأي في إلقاء التحية على من ألقاه أكون قد حافظت على ما أؤمن به،
وعاجلا أم آجلا سيتعلم سلوك حسن الخلق