هل يوجد لحماة أبواب؟ وهل يوجد سـور لحماة بالأصل؟

سـور حـماة وأبـوابـها

بني سور حماة الكبير في زمن الإمبراطور انستاسيوس الأول "491-518" وفي أول سنتين من حكمه لكنه تهدم بفعل الزلزلة الحموية من جانب وعاديات الزمن من جانب ثان وهجمات الغزاة وع...مليات الهدم من جانب ثالث، واخيرا لم يبقى منه الآن سوى أمتار معدودة في المنطقة الشرقية، وقد بني بجواره مسجد واتخذ من حائط السور جدارا استناديا له وهذه البقية مكونة من أحجار كبيرة تدعمها روابط من الأعمدة وهناك كتابة باقية.

ويذكر القلقشندي أن الملك تيتوس الروماني هو الذي بنى أسوار حماة.

ويقول آخرون: إن الامبراطور جوستينيان الأول هو الذي أحاط حماة بالأسوار بين عامي (527و529)م, و لم يبق من هذه الأسوار إلا جدار واحد قائم بالقرب من الباب القبلي طوله (25) م .

ومن المعروف أن نور الدين محمود زنكي هو الذي جدد السور بعد زلزال عام "552" هجري - "1157" ميلادي، وكتب التاريخ تذكر أن لهذا السور عشرة أبواب هي:

-الباب الغربي وكان يقع في أرض العشر.

-باب المغار وكان يقع غربي حي المدينة / الجراجمة.

-باب النهر وكان يخرج منه الناس إلى العاصي.

-الباب القبلي وكان يقع جنوب السور.

-باب العميان وكان يقع في محلة المدينة سمّي بذلك لكثرة خروج العميان منه إلى سوق المنصورية "سوق الطويل" حالياً.

-باب العدة وكان يقع جنوبي القلعة قرب مقام النبي حام سمي بذلك لأن عدة القتال كانت تدخل إلى القلعة منه.

-باب الجسر وكان يقع جنوبي حي باب الجسر.

-باب حمص وكان يقع شرقي حي الباشورة سمّي بذلك لأن من يود السفر إلى حمص كان يخرج منه.

- باب النصر وموقعه مجهول .

ـ باب النقفي وكان يقع شرقي الطيارة عند قبو بين الحيرين .

وثمة أربعة أبواب أنشئت بعد امتداد عمران حماة خارج السور وهي:

-باب العرس وكان أحد أبواب سوق المنصورية سمّي بذلك، لأنه كان يدخل منه إلى أحد فروع السوق الخاص بمتطلبات الأعراس.

-باب دمشق وكان يقع في سوق المنصورية أو قربه سمّي بذلك، لأن من كان يود السفر إلى دمشق يخرج منه.

-باب طرابلس وكان يقع في حي المحالبة سمّي بذلك لأن من يود السفر إلى طرابلس يخرج منه وكان بالأصل قبواً له باب مغلق يخرج منه الجمال بالمسافرين.

-باب البلد وكان يقع قرب جامع الملكي, أعيد تأهيله مؤخراً.

والان لم يبقى من هذه الأبواب سوى أسمائها فهناك أحياء:

باب النهر - باب القبلي - باب الجسر - باب طرابلس.

وليس فيها أي اثر للأبواب، ولقد كان باب البلد آخر الأبواب حيث زالت معالمه في عام 1960ميلادي.

عند حدودها الجنوبية.. تستقبل مدينة حماة عاصيها الحبيب بكل حفاوة وتكريم، تلثمه بشوق، وتحتضنه بحنان، وتغمره بفيض من العطف والمحبة لم يحظ بمثلهما نهر من قبل.
وينساب نهر العاصي عبر مجراه التاريخي، الذي رسمته يد الطبيعة قبل آلاف السنين، ينساب هادئاً، هانئاً، مطمئناً، مخترقاً مدينته الخالدة الغالية، وملامساً شطريها المسمّيين حاضراً وسوقاً، يروي بساتينهما، ويسقي حدائقهما، ويمدّ الأوراد والأزهار والأشجار والأطيار بعطاء مستمر، متجد...د، متدفق، لا ينضب معينه، ولا يجفّ مورده.

وكما هي العادة، في مواضع عديدة من هذا العالم، في أشطار المدن أو في المدن المتجاورة أو المتقاربة، يوجد بين شطري حماة، أي بين الحاضر والسوق، حساسيات مفتعلة فيها نوع من المزاح والطرفة، وهناك حكايات ومفارقات تتناقلها الأجيال المتتالية تعبّر عن روح الدعابة التي تكتنف هذه الحساسيات، ولعل هذه الحكايات قد دخلت التاريخ، ويرويها الكبار للصغار من باب التسلية والتندّر، وتمضية ليالي الأنس والسمر.. ليس إلا.
ففي عصرنا الراهن قد تجاوز جيلنا هذه المفارقات، وازداد التمازج والتواصل بين شطري المدينة الواحدة، واختلطت العائلات الحموية بعضها ببعض، واختلف سكنها وإقامتها عمّا كان في السابق، بحيث بات من الصعب أن تعرف الأصول السكنية لكثير من أبناء المدينة.

والمثْبَتُ تاريخياً، أن السوق قد سبق الحاضر في إنشائه، والدليل على ذلك أن معظم أبواب حماة (باب النهر ، باب الجسر ، باب البلد... الخ) موجودة في السوق، كما أن قلعة حماة موجودة في السوق أيضاً، إلى جانب الجامع الأعلى الكبير والكنيسة الأثرية القديمة وهما معلمان من معالم المدينة القديمة. ولو بحثنا عن معنى السوق في معاجم اللغة لوجدنا أن السوق (وجمعه أسواق) هو موضع البضائع والأمتعة، وسمّي بذلك لأن التجارة تُجلب إليه وتُساق المبيعات نحوه.
أما الحاضر فقد تم بناؤه متأخراً، وما جاء في معاجم اللغة أن الحاضر (وجمعه حُضّر ، وحُضّار ، وحُضُور ، وحَضَرة) هو ساكن الحَضَر، أي خلاف البادي (ساكن البادية) وقد بُني الحاضر في العهد الأيوبي، ويمكن اعتبار حي الكيلانيّة أول حي في الحاضر، كذلك يعتبر مسجد أبي الفداء وقصره الجديد من أوائل ما تم بناؤه هناك أيضاً.

ويلاحظ أن لأهل الحاضر (القدماء) لهجة تختلف عن لهجة أهل السوق، فأهل الحاضر يستخدمون في لهجتهم الألف المائلة (كما يستخدمها أشقاؤنا اللبنانيون) مثل : (لحيف) بدلا من (لحاف)، و (حيضر) بدلاً من (حاضر)، وعندهم مصطلحات خاصة بعيدة عن ألسنة أهل السوق، كذلك هم يمدّون الحرف الأخير أو قبل الأخير للكلمة مدّاً لافتاً ومميزاً.

وقد كان أهل السوق يتهمون أهل الحاضر بالتمسك بالقديم، وبالابتعاد عن روح العصر، وبالقساوة في تعاملهم مع الآخرين، أما أهل الحاضر فقد كانوا يتهمون أهل السوق بالانفتاح الزائد، والركض وراء الموضة، والابتعاد عن الأصالة والتقاليد، ولكلٍّ مبررات هجومه، وموجبات دفاعه.

وهكذا يتم تبادل الاتهامات، وعلى ما يبدو أن التواصل بين أهل الحاضر والسوق لم يكن قائماً كما هو الآن، وقد روى لي أحد الأصدقاء الأعزاء من أهل الحاضر حكاية طريفة مفادها : أن أخاه الأصغر كان هو المتعلّم الوحيد من أفراد العائلة، وذلك في منتصف القرن الماضي، وكان لهذا الأخ زملاء كُثُر من أهل السوق، على اعتبار أنه يداوم في التجهيز الأولى الكائنة في السوق أيضاً، وقد دعا أخوه هؤلاء الزملاء إلى وليمة في بيته، وعندما جاؤوا في موعدهم، أخذ صديقي وأخوته يسترقون النظر عبر شق الباب ليروا أهل السوق كيف يلبسون، وكيف يتصرفون، وكيف يأكلون !!؟ وكأنهم قادمون من عالم آخر.

على كل حال.. أعود فأكرر : إن هذه الأمور قد تجاوزها الزمن، وأصبحت من ذكريات الماضي، وقبل أن أنهي حديثي، أحب أن أقول : إن أحد الظرفاء المقرّبين جداً مني في أيام الشباب (الأستاذ ابراهيم رحمه الله)، قد حوّر بيتاً من بيوت قصيدة (أغداً ألقاك) التي غنتها أم كلثوم، وفيه تقول:

قد يكون (الغيبُ) حلواً إنما (الحاضر) أحلى
بحيث جعله : قد يكون (السوقُ) حلواً إنما (الحاضر) أحلى

نهر العاصِي

باللغة العاصي ضد الطائع، وهو نهر حماة ويعرف بالميماس، مخرجه من بحيرة قدس ومصبه في البحر قرب أنطاكية، واسمه قرب أنطاكية "الأرنط"، وقيل: إنما سمي بالعاصي لأن أكثر الأنهر تتوجّه ذات الجنوب وهو يأخذ ذات الشمال وليس هذا بمطّرد.
كما عرف باسم نهر الأرنط L'Oronte .

يأتي نهر العاصي من حيث الأهمية في سورية بعد نهر الفرات وهو ينبع من منطقة بعلبك والهرمل في لبنان، فيجري في أراضيها مسافة 245.5 كم، ثم يدخل الأراضي السورية فيجري فيها مسافة 325.5 كم فيكون طوله بحدود 571 كم تقري...باً، ويصب في البحر الأبيض المتوسط قرب خليج السويدية ويصيب أراضي حماة من مجراه مسافة 170 كم، وهو يخترق المدينة من جنوها الشرقي إلى شمالها فيشطرها إلى شطرين، منطقة الحاضر ومنطقة السوق، فيهب حماة الحياة والمتعة والجمال تروي مياهه بساتينها وتغذي آبارها الممتدة على جانبي مجراه لذا كانت المساكن منثورة حول وادي العاصي.

يرفد العاصي مجموعة من الأنهار القصيرة بعضها روافد فصلية تجرى شتاءً وتنضب صيفاً وهي القادمة من الشرق أهمها أنهار:
أبو همامة - الكافات - قسطون - وادي الدوار - وادي رسم الأربعين - وادي حامس - ومصرف (ب) من سد محردة.

أما الروافد الغربية فهي دائمة الجريان وأهمها أنهار:
الساروت - أبو بعرة - سلحب والبارد.

كما ترفده بعض الينابيع من هذه الجهة الغربية أهمها:
عين حلاقيم - البيضاء - وادي العيون - الورافة - حيالين - دير ماما - اللقبة - ديرشميل - أبوقبيس - البارد - عين كروم - شطحة - جورين -قسطون - قلبدين - العمقية - باب الطاقة - وشيزر.

كان هذا النهر يسمى أورونتس وتقول الأسطورة:
إن جباراً هنديا كان يدعي أورونتس تصدى لديونيس أثناء حملته على الهند فرده ثم تعقبه فجمع ديونيس قوته وهاجم أورونتس فتغلب عليه ورماه في هذا النهر فسمي منذئذ نهر أوررنتس ثم حذفت السين فأصبح اسمه أورونت. ثم سماه العرب بالعاصي لأنه يجرى من الجنوب إلى الشمال بعكس باقي أنهر المنطقة وسماه بعضهم بالنهر المقلوب لنفس السبب.

طقوس وعادات حموية
استقبال الحجاج

حين ترفرف الراية.. راية قافلة الحجاج العائدين، تهلهل حماة وتقول: يا مرحبا بالعائدينا.

كان الحجاج الحموية في ما مضى يأخذون معهم راية ينصبونها في محل حط رحالهم في الحجاز ليراها كل الحموية المتواجدين لأدأء فر...يضة الحج، حتى اذا ما احتاج احد للمساعده يكون حوله اهل بلده ومدينته. ولصعوبة رحلة السفر الى مكة قديماً لما تحمله من معاناة ومخاطر كان أهل حماة يقولون مثل شهير: "الرايح مفقود والراجع مولود".

وعند وصول نبأ قدوم موكب الحجاج، تخرج كل أحياء حماة لاستقبالهم، وينتظروهم على ابواب المدينه في الشيخ مهران (طريق حمص حالياً) بالقرب من منطقة الرستن.
ترفف الرايه من بعيد.. تدق الطبول والزمور فرحةً لاستقبالهم، ولا ننسى العاب السيف والترس والعراضات، وللحمويه خصوصيه في العراضات، حيث يقال فيها:

حجينا با السلامة
ولعيالوا با السلامه ... الله جابوا بالسلامة
وياحجي كيفا مكه ... ان شاء الله طفت وسعيت
ان شاء الله زرت الحرمين
ياحجينا ويا مهيوب بدنا منك برقيه ... لنطمن الاهلية
حجا ولبا .. حجينا
زار المدينه حجينا
زار الحرمين حجينا

تزين الحارة بالسجاد وأعلام الزينة وتوضع الكراسي، والفرحه فرحة الحي كله، فتوزع الحلويات والمشروبات ابتهاجاً بالحجي. ويبقى استقبال الضيوف المهنئين ثلاثة ايام. وكل حي يزور الحي الاخر ليسلموا على الحجي ومهنئين بوصوله، ويأتون راكبين على ظهور الخيول و راجلين.

تخرج الحارة لاستقبال الضيوف بالعراضة قائلين:

اهلا وسهلا بالي جاي ... يامرحبا بالي جاي
طلوا ومحلا طلتهم ... ضوو البيت وسيرتهم
طلوا علينا وجوه الخير ... وأهلا وسهلا ومرحبتين
شرفتوا يا نور العين
مكتوب على سيوفنا ... اهلا وسهلا بضيوفنا
مكتوب على رماحنا ... نفدي الضيوف برواحنا
وشيل يا حمويه شيل ... يا محلا السهر با الليل
يا محلا الغزو با الليل ... يا محلا ركوب الخيل
وام النواعير تنادي ... اهلا بضيوف بلادي
و زيد يا هالعاصي زيد ... يا محلا ليالي العيد
يا محلا الصلاه عالنبي ... ياولد صلي و زيد

أما بالنسبة لهدايا الحجاج لأهلهم وناسهم:

كانت الاطفال تنشد للحاج قبل رحيله:
يلي رايح عَ مكه ... جبلي شقوفة كعكه

وهناك مثل حموي شهير:
الغايب لكم ... والارمغان إلنا

والأرمغان كلمه يتداولها الحمويه قديماً، وتعني الهدية. ومن الهدايا التي يجلبها الحجاج:
البخور والمسواك والعطور والحنه والتمر والمسابح والطواقي والشماسي وماء زمزم وأنواع القماش الحرير. وبعد ان تطّور الزمن اصبح للاطفال نصيبهم من الهدايا كصندوق التلفزيون الذي يحتوي على صور الكعبة والحرم، بالاضافة الى الزمامير وغيرها من الألعاب.

المصادر: عن مقال للسيد محمد كامل العزو "أبو الكامل" لاحياء التراث الشعبي بحماة

جمل ما قيل عن حماه
بقلم الشاعر الدكتور وجيه بارودي رحمه لله

زارني صديق غريب، إلى قلبي هو حبيب فقال:
سمعت عن مدينتك (حماة) الغريب العجيب فهات ما عندك يالبيب؟
فقلت له : مدينتي أم السرائر وفيها السوق والحاضر وما بينهما العاصي سائر فعن أيهما أحدثك يازائر.

فقال : لا أعرف فأنا حائر.. حدثني عن الأفضل وأكون لك شاكر؟
فأجبته وأنا ثائر، ونار تلفظها عيوني والسرائر : لافرق عندنا يازائر، فالسوق دمنا و قلبنا الحاضر....

فقال بقلب مجروح، وبصوت خفيف مبحوح، وعلائم الأسف منه تلوح : عذراً
ياصديقي بما أبوح الا تعرفني فتى مزوح.
فقلت له عذرك مقبول ياشرشوح وسأزيدك عن #حماة الشروح
فقال : عنها أشير ودعني استنير.

فقلت : مدينتي أم النواعير، أكثر سكانها يركبون الطراطير، ويفضلون في الطعام الفتوش والسخاتير، ومن بيوتهم تخرج المشاهير، وساحاتهم تشهد المغاوير، وتسمع عن سكانها القصص والأساطير، فأحذيتهم الشواريخ والبساطين، وإلى السماء يرفعون المناخير، وكلهم يفضل أن يصبح وزير، وفيها نادي الطليعة ونادي النواعير.

فقال : جعلتني في حبها أسير، وماذا تعني بالطراطير، أرجو ياصاح الأيضاح والتفسير؟
فقلت : عربة على ثلاثة تسير وصوتها أشبه بالشخير وفي الطلعة تزأر زئير
وإياك لسائقها أن تشير، ففي غير هذا المكان تصير، فراكبها يحسب نفسه
وزير، وأنه في السماء يطير.

فقال : وماذا عن السخاتير؟
فقلت : أكلة العظماء والمشاهير وتمتاز بقلة الشراشير وقوامها جق ومخ ودراكيل.

فقال : وماذا عن المشاهير؟
فقلت : هناك وليد قنباز وفي الرجولة أبو العناز.
بالحلو يشتهر قيطاز فعنده من الحلو الصنف الممتاز، وبشهرة كبيرة في حماه قد فاز، وعندنا ايضاً سلورة، إسأل عنه المعمورة، فحلاوته جداً مشهورة، وعنده جميع الأصناف المأثورة، وسيطه وصل حتى الصين وسنغافورا

فقال : لمدينتك جعلتني ولهان ومن عندكم كمان؟
فقلت : عندنا طبيب فنان، وهو فلته من فلتات الزمان ويلقب نفسه بالأرجوان وفي الطب يتحدى الأمريكان، ويلجأ إليه كل مريض ومن كل مكان وسيطه وصل حتى اليابان، وحبه لميادة أشبه بالجنون فإذا رآها تجده فرحان وإن غاب عنها سكران فهو لها جداً عشقان وفي الحب سبق الشبان. (اشارة الى الدكتور وجيه بارودي)

فقال : ذرني عنها ياصاح محبتي لمدينتكم قد لاح
فقلت : إلى السوق الطويل أرواح، هذا عابدين جداً مشهور يخدم كل انسان مضرور، وتجد عنده لبن العصفور، وتجد عنده الحنة والبخور، وعنده الدواء الشافي، وعن المشافي هو كافي ووافي، وان سألته عن شيء لايقول مافي.

فقال : وماذا عن سكانها؟
فقلت : سكانها شعب نادر فكلهم فهمان وشاطر، ولاتعمل عليهم ماهر، وإن تحرشوك فلا تحاور، وإن شاجروك فلا تشاجر، وخاصة إذا كنت في الحاضر، وإلا وجدت نفسك في المقابر.

فقال : حدثني عن أحيائها وأكون لك شاكر؟
فقلت : عندنا جراجمة والأميرية والسخانة والحميدية.

وللبس شعبهما أيضاً فهناك العباية وهناك الكلابية وهناك الكندرة والكسرية وفي الزنار موس وشبرية. ويمتازون بالنخوة والعنترية، فكأنهم يعيشون أيام الجاهلية، فمدينتي جورة الهم، ويشتهرون بكثرة النم، وكلامهم عن بعضهم كالسم، وهناك بينهم قرابة دم، فهذا خال وهذا عم، ويشمون الأخبار شم، وبسرعة تعم الشائعات عمّ.

فقال : وماذا عن العاصي؟
فقلت: ينبع من عدة ينابيع، ويمتلئ عادة في فصل الربيع، وشواطئه تكثر بالجرابيع، وتصب فيه كل البلاليع، ومن رائحته يطفش الجميع، مع أنه فتان بديع.

فقال : وماذا عن نساؤها؟
فأجبته ضاحكاً : كل النساء عندنا سمينات يلقبون عادة بالبرميلات، فهناك سمية وهناك عطيات وهناك بدرية وهناك نعمات، وإن تسألهم ما يمارسون من الرياضات؟ فيقولون الكر والمعاتبات وماذا يمارسون من هوايات؟ فيقولون الأكل والاستقبالات، فالأكل يرونه في المنامات ويحسبون أنفسهم أنهم رشيقات، فبنت الأربعينات تقول أنا بنت العشرينات وأنا اميرة الأميرات.

وعندنا أكلة للتنائيش يأكلها عادة الغني والدرويش وتلقب عندنا بالشنكليش، فرائحته تطفشك تطفيش، فإذا ذقتها بيتشوش عليك تشويش، وينكش فمك تنكيش وفي الشوارع سوف تعيش، وتصبح كشارب خمر ومدمن حشيش، وأكثر من ذلك لن تعيش.

ياسلاااااام حماه

يسسسلمووو