تعبت أمي يوما و ذهبت معها إلى مستسفى القطيف المركزي ، و بقيت معها في غرفة الطوارئ أو الملاحظة المكونة من ستة أسرة . منذ الفجر ، كانت الغرفة ممتلئة بالمريضات و أعتقد أن جميعهن من مرضى الدم ( سكلر ) و لا يرافقهن أحد ... كنت أنا المرافقة الوحيدة في تلك الغرفة .
بمجرد أن أعطيت أمي اﻷبر المناسب لارتفاع السكر نامت و بقيت أراقب الوضع في الغرفة و انتبه ﻷنين المريضات ...
حتى مرت فتاة قد تكبرني بعامين أو ثلاث ... فتاة في غاية الجمال ... شد انتباهي جمالها و بقيت انظر إلى جميع ملامحها الناعمة و شعرها و جسمها الرشيق . ثم اختفت عن ناظري .
تسألت لماذا أنا لست بجمالها ؟ أو حتى نصف جمالها ؟ لماذا لست رشيقة مثلها فقد تعبت من شرب الشاي اﻷخضر و الزنجبيل و القرفة ! و ممارسة رياضة المشي يوميا !
أتى الظهر ... و إذا بفتاة تئن بصوت عال جدا و تنادي الممرضة المناوبة دائما لكي تدلك لها رجلها فقط ... أحببت أن أساعد تلك الممرضة الوحيدة فتوجهت لتدليك الفتاة .
ما أن ابعدت الستارة عن السرير فإذا بي أجد تلك الفتاة الجميلة نفسها تلتوي من شدة اﻷلم و تقول لي : ( نادي على الممرضة تعبت و إني هنا من البارحة ما ابغى مغدي خلاص ابغى أبر ثانية ) . بقيت أدلك رجليها حتى هدئت أصبحت تنظر إلى و تبتسم حتى نامت .
هنا فكرت في تساؤلاتي السابقة ... مللت أنا من شرب الشاي اﻷخضر بينما ملت هي من المغدي و اﻷبر ... مللت أنا من المشي يوميا بينما ملت هي من ملازمة السرير ...
هكذا نحن نفكر في مانراه فقط ... في الشكل الخارجي ... في النعم الظاهرة . لكل منا نصيب من الهم و نصيب من الفرح . نصيب من البلاء و نصيب من النعم .
لا تجعل همك و بلاءك يعميك عن فرحك و نعمك .
و لا تنسى أن ( الله يأخذ و يعطي )
لا تشتكي سوء الحظ ... يكفيك من الحظ انك ولدت مسلمآ.